الأحد، 30 نوفمبر 2008

القصه الرابعه من قصص التائبين ,, يااااالله الموت يلاحقتى :(

ق

حدثَّ شابٌ عن قصة عجيبة وتشعر وأنت تسمع هذه الحادثة



أن الله برحمته الواسعة وبفضله العظيم يمهلُ ويمهلُ للعبد


حتى يرجع إلى الله وإن كان غارقاً في الذنوب والمعاصي ،

يقولُ هذا الشاب:


نحنُ مجموعةٌ من الشباب ندرسُ في إحدى الجامعات وكان من بيننا صديقٌ عزيزٌ يقال له محمد ! كان محمد يحي لنا




السهرات ويجيد العزف على الناي حتى تطربَّ عظامنا والمتفقُ عليه عندنا أنَّ سهرةً بدون محمد سهرةٌ ميتةٌ لا أنسَّ فيها ،





مضت بنا الأيام على هذه الحال ثمّ كانت بداية الأحداث الساخنة ،


كانت البداية يومَ أن جاء محمدٌ إلى الجامعة وقد تغيرت ملامحه



وظهرَ عليه آثار السكينة والخشوع فجاءه صاحبنا يحدثه




قال : يا محمد ماذا بك ؟ ماذا حدث لك ؟ كأن الوجه غير الوجه ،






فرد عليه محمد بلهجة عزيزة فقال :



لقد طلقت الضياع والخراب ، لقد طلقت الضياع والخراب ، لقد طلقت الضياع والخراب ، وإني تابٌ إلى الله ..




فذهل الشاب ذهل الشاب وقال : له وهو يحاوره




على العموم عندنا اليوم سهرةٌ لا تفوت وسيكونُ لدينا ضيفٌ تحبه إنه المطرب الفلاني ،




فرد محمدٌ عليه:



أرجوا أن تعذرني فقد قررتُ أن أقاطعَ هذه الجلسات الضائعة ..




فجنَّ جنونُ هذا الشاب فبدأ يزبد ويرعد فقال :





له محمد اسمع يا فلان كم بقي من عمرك ؟




ها أنت تعيش في قوة بدنية وعقلية وتعيش حيوية الشباب فإلى متى ؟




إلى متى ستبقى مذنباً غارقاً في المعاصي ؟




لما لا تغتنم هذا العمر في أعمال الخير والطاعات ..



وواصل محمدٌ الوعظ وتناثرت باقةٌ من النصائح الجملية من قلبٍ صادق من محمدٍ التائب






يا فلان إلى متى تسوف ؟ لا صلاة لربك ولا عبادة !




أما تدري أنك اليوم أو غدا .. كم من مغترٍ بشبابه وملك الموت عند بابه ..




كم من مغترٍ عن أمره منظرٍ فراغ شهره وقد آن انصرام عمره ..




كم من في لهوه وأنسه وما شعر أنه قد دنا غروب شمسه ..




ألا تدري أن وراءك حساب .




قال صلى الله عليه وسلم :لا تزول قدم عبد يسأل عن أربع


عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه فاغتنم شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وحياتك قبل موتك .



يقول هذا الشاب :



وتفرقنا على ذلك وكان من الغد دخولُ شهر رمضان ،



وفي ثاني أيامه يقول هذا الشاب :




ذهبت إلى الجامعة لحضور محاضرات السبت فوجدتُ الشبابَ قد تغيرت وجوههم فقلت :



ما بالكم ؟ ما الذي حدث ؟




قال أحدهم:


محمدٌ بالأمسِ خرج من صلاة الجمعة فصدمته سيارة مسرعة .



لا إله الله . توفاه الله وهو صائم مصلي ،


الله أكبر ما أجملها من خاتمة حسنة .



كم من الناس يموت وقطرات الخمر تسيل من فمه والعياذ بالله ؟





كم من الناس يتوفاه الله وهو واقعٌ في أحضان فاحشةٍ أو رذيلة نسأل الله العفو والعافية ؟




قال الشاب:



صلينا على محمد في عصر ذلك اليوم وأهلينا عليه التراب

وكان منظراً مؤثرا تدمعُ له العيون وتتفطر له القلوب .



وقد كانت في حياتك لي عظاتٌ .... فأنت اليوم أوعظُ منك حيا




فوقفَ هذا الشاب ينظرُ إلى قبرِ صاحبه وتذكر قول القائل لابن المبارك:

، مررت بقبر ابن المبارك غدوةً فأوسعني وعظاً وليس بناطق .



وصدق بقوله فإن زيارة القبور تذكر الأحياء بمصيرهم كما قال صلى الله عليه وسلم :

كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة .




رجع صاحبنا إلى بيته مهموماً حزيناً كسيراً ،



وقد كان عليه من الغد امتحانٌ في الجامعة



فلم يستطع أن يفتح كتاباً أو يحفظ نصا فقرر الاعتذار من مدرسه في الجامعة ،




ذهب من صباح الغد إلى إدارة المدرسين ليعتذر فكان الخبر الفاجعة ،




المدرس الذي ذهب إليه تبين أنه أصيب بنوبة قلبية وتوفاه الله البارحة





فأصيب هذا الشاب بغمٍ على غم وظن أن هذه الهموم لا يعالجها إلا الهروب



فسافر إلى الخارج فتعرف على شابين دعياه إلى مرقصٍ مشهورٍ والعياذُ بالله
لكنه بعيد يحتاج إلى سفر ،




سافرا ولم يسافر معهم لأنه نائمٌ من شدة التعب والسهر




فلما كان من الغد جاءه الخبر





بوفاة هذين الشابين وهما في طريق المعصية فأصيب بالاكتئاب




ورجع فوراً إلى بلاده فكانت الفاجعة أيضا حينما دخل في بيته فإذا بأخيه يقول :




لا تنس تعزي الوالدة فالخالة توفاها الله البارحة ..





فصرخ هذا الشاب





يا الله الموتُ يُلاحقني



الموتُ يُلاحقني


و أصيب بالانهيار ،



فدفعه اثنان من أصحابه من أصحاب السوء ليسافر معهم إلى دولة مجاورة ليستريحَ من هذه المصائب




فلحقهم فلما بلغ الجوازات منع هذا الشاب لخلال في جوازه


فقال له رفاقه:





ارجع وأصلح الخلل ونحن ننتظرك في هذه الدولة في الفندق الفلاني






رجع عنهم فإذا بهاتف يهاتفه في منتصف الليل أن الشابين كانا مسرعين




فصدمتهما شاحنةٌ فماتا جميعا



عند ذلك بكى هذا الشاب بكى بكاءً مرا وقال :


الموت قد أخذ هؤلاء فكيف لو أخذني الله وأنا على هذه الحال .. يا عبد الله



إلى كم ذا التراخي والتمادي *** وحادي الموت بالأرواح حادي


تنادينا المنيةُ كلَ وقتٍ *** فما نصغي إلى قولِ المنادي



فلو كنا جماداً لتعظنا *** ولكنا أشدُ من الجمادِ



وأنفاسُ النفوسِ إلى انتقاصٍ *** ولكن الذنوبَ إلى ازدياد




رجع هذا الشاب إلى الله وأعلنها توبة صادقة



فأخرج السجائر من جيبه ورماها وذهب واغتسل وصلَّ ما شاء الله



وعاش في رحابِ الإيمان تائباً يتذكر بين الحين والأخر أن الله رحمه

وأعطاه عمراً وفرصة ليعود إلى ربه ويتوب إليه ولسان حاله يقول :





يا كثير العفو عمن كثر الذنب لديه



جاءك المذنب يرجو الصفح عن جرمي يديه أنا ضيف وجزاء الضيف إحسانٌ إليه


********************************














نسأل الله العظيم أن يحسن خاتمتنا

وانتظرونـــا فى القصه التاليه




وكل عام وانتم بخير



فقط أحببت أن أذطر اننا فى ايام كريمه ومن افضل الاعمال التى يجب ان نفعلها

فى هذه الايام هى التـــوبه الى الله عزوجل





فهلمو أُخياتى وإخوتى الى الله










وأعلنوها توبه صادقه لله عزوجل










وليكن شعارنا




"وعجلت إليكــَ ربِ لترضى "




وليكن شعارنا أيضاً



"إنى ذاهبٌ الى ربى سيهدين"












الأربعاء، 26 نوفمبر 2008

القصه الثالثــــه من قوافل التائبين والعائدين ,, سبحان مغير الأحوال

سبحان مغير الأحوال ..

قال الرواي :
لقد تغير صاحبي ..
نعم ..تغير..
ضحكاته الوقوره تصافح أذنيك كنسمات الفجر النديه ..
وكانت من قبل ضحكات ماجنه ، مستهتره ، تصك الآذان ، وتؤذي المشاعر ..
نظراته الخجوله تنم عن طهر وصفاء ..
وكانت من قبل جريئه وقحه ..
كلماته تخرج من فمه بحساب ..
وكانت من قبل يبعثرها هنا وهناك ..
تصيب هذا ، وتجرح ذاك ، لا يعبأ بذلك ولا يهتم ..
وجهه هادئ القسمات ، تزينه لحية وقوره ..
وتحيط به هاله من نور ..
وكانت ملامحه من قبل تعبر عن الانطلاق وعدم المبالاه والاهتمام ..
نظرت إليه ..
وأطلت النظر في وجهه ..
ففهم ما يدور في خاطري فقال :
لعلك تريد أن تسأل ماذا غيَّرك ؟!.
قلت : نعم ، هو ذاك فصورتك التي أذكرها منذ لقيتك آخر منذ سنوات تختلف عن صورتك الآن !!..
فتنهد قائلاً : سبحان مغير الأحوال..
قلت : لا بدَّ أن وراء ذلك قصه ؟!..
قال : نعم ، وسأقصها عليك ..
ثم التفت إليَّ قائلاً :
كنت في سيارتي على طريق ساحلي ..
وعند أحد الجسور الموصله إلى أحد الأحياء فوجئت بصبي صغير يقطع من أمامي الطريق ..
فارتبكت واختلت عجلة القياده من يدي ..
ولم أشعر إلا وأنا في أعماق المياه ..
رفعت رأسي إلى أعلى لأجد متنفساً ..
ولكن الماء بدأ يغمر السياره من جميع نواحيها..
مددت يدي لأفتح الباب فلم ينفتح ..
هنا تأكدت ..
أني هالك لا محاله ..
وفي لحظات ..لعلها ثواني ..
مرت أمام ذهني صور سريعه متلاحقه..
هي صور حياتي الحافله بكل أنواع العبث والمجون ..
وتمثل لي الماء شبحاً مخيفاً ..
وأحاطت بي الظلمات كثيفه ..
وأحسست بأني أهوي إلى أغوار سحيقه مظلمه ..
فانتابني فزع شديد ..
فصرخت في صوت مكتوم :
يا رب ..يا رب..
{ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ } ..
ودرت حول نفسي ماداً ذراعي أطلب النجاه ..
لا من الموت ..
الذي أصبح محققاً ..
بل ..
من خطاياي التي حاصرتني ، وضيقت عليّ الخناق ..
أحسست بقلبي يخفق بشده ..
فانتفضت وبدأت أزيح من حولي تلك الأشباح المخيفه ..
وأستغفر ربي قبل أن ألقاه ..
أحسست أن كل ما حولي يضغط عليّ ..
كأنما استحالت المياه إلى جدران من الحديد ..
فقلت : إنها النهايه لا محاله ..
فنطقت بالشهادتين ..
وبدأت أستعد للموت ..
وحركت يدي ..
فإذا بها تنفذ في فراغ ..فراغ يمتد إلى خارج السياره ..
وفي الحال تذكرت أن زجاج السياره الأمامي مكسور ..
شاء الله أن ينكسر في حادث منذ ثلاثة أيام ..
وقفزت دون تفكير ..
ودفعت بنفسي من خلال هذا الفراغ ..
خرجت من أعماق الماء ..
فإذا الأضواء تغمرني ..
وإذا بي خارج السياره ..
ونظرت ..فإذا جمع من الناس يقفون على الشاطئ ..
كانوا يتصايحون بأصوات لم أتبينها ..
ولما رأوني نزل اثنان منهم ، وأخرجاني من الماء..
وقفت على الشاطئ ذاهلاً عما حولي ..
غير مصدق أني ..
نجوت من الموت ..
وأني الآن ..
بين الأحياء ..
كنت أتخيل السياره ..
وهي غارقه في الماء .. فأتخيلها تختنق وتموت ..
وقد ماتت فعلاً ..
وهي الآن راقده في نعشها أمامي ..
لقد تخلصت منها ..
وخرجت..
خرجت مولوداً جديداً ..
لا يمت إلى الماضي بسبب من الأسباب..
أحسست برغبة في الركض بعيداً ..
والهرب من هذا المكان ..
هذا المكان الذي دفنت فيه الماضي الدنس ..
ومضيت ..
مضيت إلى البيت إنساناً آخر غير الذي خرج قبل ساعات ..
دخلت البيت ..
وكان أول ما وقع عليه بصري صور معلقه على الحائط لممثلات ، وراقصات ، ومغنيات ..
اندفعت إلى الصور أمزقها ..
ثم ارتميت على سريري أبكي..
ولأول مره ..أبكي ..
أحس بالندم ..
أحس بالندم ..
الندم ..
على ما فرطت في جنب الله ..
فأخذت الدموع تنساب في غزاره من عيني..
وأخذ جسمي يهتز ..
وبينما أنا كذلك ..
إذا بصوت لطالما سمعته وتجاهلته ..
إنه صوت الأذان ..
إنه صوت الأذان يجلجل في الفضاء ..
وكأني أسمعه لأول مره ..

وجلجلة الأذان في كل حيٍّمنائركم علت في كل ساحٍ

ولكن أي صوت من بلالومسجدكم من العبَّاد خالي
يقول : فانتفضت واقفاً ، وتوضئت ..
وفي المسجد ..
بعد أن أديت الصلاه ..
أعلنت توبتي ..
وجلست أبكي ..
وأدعو الله أن يغفر لي خطيئتي ..
ومنذ ذلك الحين ..
وأنا كما ترى ..
قلت : هنيئاً لك الدموع الحاره ..
هنيئاً لك الدموع الحاره ..
وهنيئاً لك الانضمام إلى ..
قوافل العائدين
..
قال سبحانه :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً } ..
وقال صلى الله عليه وسلم :
( كل ابن آدم خطَّاء ، وخير الخطائين التوابون ) ..
قال عمر رضي الله عنه :
التوبة النصوح ..أن يذنب العبد ، ثم يتوب ، فلا يعود فيه ..
وقال الحسن البصري :
التوبة النصوح ..
ندم بالقلب ..
استغفار باللسان ..
ترك بالجوارح ..
واضمار بأن لا يعود ..
وقال يحيى بن معاذ :
علامة التائب :
إسبال الدمعه ..
وحبّ الخلوه ..
والمحاسبه للنفس في كل همه ..
اللهم ..
اجعلنا من التوابين ، واجعلنا من المتطهرين ، الذي لا خوف عليهم ولا هم يحزنون..

الاثنين، 24 نوفمبر 2008

القصه الثانـــيه فى قصص التائبيــن ,,, الرحيــــــــل

مركز العرب

ســألتُ الـدارَ تُخبرنـي *** عن الأحبـاب ما فعلـــوا
فقالت لي: أنـاخ القــوم *** أيـاماً وقــد رحـــلوا
فقلـلتُ فأين أطلُبــهم *** وأيُ منـــازلٍ نزلــوا
فقـالت بالقبــور وقـد *** لقــو والله مـا فعلــوا
--------------


بدت أختي شاحبة الوجه نحيلة الجسم... ولكنها كعادتها تقرأ القرآن الكريم...
تبحث عنها تجدها في مصلاها.. راكعة ساجدة رافعة يديها إلى السماء..
هكذا في الصباح وفي المساء وفي جوف الليل لا تفتر ولا تمل...
كنت أحرص على قراءة المجلات الفنية والكتب ذات الطابع القصصي..
أشاهد الفيديو بكثرة لدرجة أنني عُرفتُ به.. ومن أكثر من شيء عُرفَ به..
لا أؤدّي واجباتي كاملة ولست منضبطة في صلواتي..
بعد أن أغلقت جهاز الفيديو وقد شاهدت أفلاماً متنوعةً لمدة ثلاث ساعات متواصلة..
ها هو الأذان يرتفع من المسجد المجاور..· عدت إلى فراشي..تناديني من مصلاها..
نعم ماذا تريدين يا نورة؟
قالت لي بنبرة حادة: لا تنامي قبل أن تُصلي الفجر..
أوه.. بقى ساعة على صلاة الفجر وما سمعتيه كان الأذان الأول...
بنبرتها الحنونة –هكذا حي حتى قبل أن يصيبها المرض الخبيث وتسقط طريحة الفراش...
نادتني..
تعالي أي هناء بجانبي..
لا أستطيع إطلاقاً رد طلبها.. تشعر بصفائها وصدقها..
لا شك طائعاً ستلبي.
.ماذا تريدين...
اجلسي..
ها قد جلست ماذا لديك.
.
بصوت عذب رخيم: (كل نفسٍ ذائقةُ الموتِ وإنما توفون أجوركم يوم القيامة)..
سكتت برهة.. ثم سألتني..
ألم تؤمني بالموت؟
بلى مؤمنة..
ألم تؤمني بأنك ستحاسبين على كل صغيرة وكبيرة..
بلى.. ولكن الله غفور رحيم.. والعمر طويل..يا أختي..
ألا تخافين من الموت وبغتته..انظري هند أصغر منك وتوفيت في حادث سيارة..
وفلانة.. وفلانة.الموت لا يعرف العمر.. وليس مقياساً له..
أجبتها بصوت الخائف حيث مصلاها المُظلم..
إنني أخاف من الظلام وأخفتيني من الموت.. كيف أنام الآن..
كنت أظن أنك وافقت للسفر معنا هذه الإجازة..
فجأةً... تحشرج صوتها واهتز قلبي..
لعلي هذه السنة أسافر سفراً بعيداً.. إلى مكان آخر.. ربما يا هناء..
الأعمار بيد الله.. وانفجرت بالبكاء..
تفكرت في مرضها الخبيث وأن الأطباء أخبروا أبي سراً أن المرض ربما لن يمهلها طويلاً..
ولكن من أخبرها بذلك.. أم أنها تتوقع هذا الشيء.
.ما لك تفكرين؟ جاءني صوتها القوي هذه المرة..؟هل تعتقدين أني أقول هذا لأنني مريضة؟
كلا.. ربما أكون أطول عمراً من الأصحاء..وأنت إلى متى ستعيشين..
ربما عشرون سنة.. ربما أربعون.. ثم ماذا..
لمعت يدها في الظلام وهزتها بقوة..
لا فرق بيننا كلنا سنرحل وسنغادر هذه الدنيا أما إلى جنة أو إلى نار..
ألم تسمعي قوله الله: (فمن زُحزِحَ عن النار وأدخل الجنة فقد فاز)؟
تصبحين على خير..
هرولتُ مسرعةً وصوتها يطرق أذني..
هداك الله.. لا تنسي الصلاة..
الثامنة صباحاً..أسمعُ طرقاً على الباب.. هذا ليس موعد استيقاظي..
بكاء.. وأصوات.. يا إلهي ماذا جرى..؟
لقد تردت حالة نورة.. وذهب بها أبي إلى المستشفى.. إنا لله وإنا إليه راجعون..
لا سفر هذه السنة.. مكتوب عليّ إلقاء هذه السنة في بيتنا بعد انتظار طويل..
عند الساعة الواحدة ظهراً.. هاتفنا أبي من المستشفى..
تستطيعون زيارتها الآن هيا بسرعة..
أخبرتني أمي أن حديث أبي غير مطمئن وأن صوته متغير..
عباءتي في يدي..أين السائق.. ركبنا على عجل..
أين الطريق الذي كنت أذهب لأتمشى مع السائق فيه يبدو قصيراً..
ماله اليوم طويل.. وطويل جداً..
أين ذلك الزحام المحبب إلى نفسي كي التفت يمنة ويسرةً..
زحام أصبح قاتلاً ومملاً..أمي بجواري تدعو لها.
أنها بنت صالحة ومطيعة.. لم أرها تضيع وقتها أبداً..
دلفنا من الباب الخارجي للمستشفى..هذا مريض يتأوه.. وهذا مصاب بحادث سيارة.
وثالث عيناه غائرتان.. لا تدري هل هو من أهل الدنيا أم من أهل الآخرة..
منظر عجيب لم أره من قبل...صعدنا درجات السلم بسرعة..
إنها في غرفة العناية المركزة.. وسآخذكم إليها..
ثم واصلتِ الممرضة إنها بنت طيبة وطمأنت أمي أنها في تحسن بعد الغيبوبة التي حصلت لها..
ممنوع الدخول لأكثر من شخص واحد..هذه هي غرفة العناية المركزة..
وسط زحام الأطباء وعبر النافذة الصغيرة التي في باب الغرفة أرى عيني أختي نورة تنظر إلي
وأمي واقفة بجوارها.. بعد دقيقتين خرجتْ أمي التي لم تستطع إخفاء دموعها..
سمحوا لي بالدخول والسلام عليها بشرط أن لا أتحدث معها كثيراً..
دقيقتين كافية لك..
كيف حالك يا نورة..؟
لقد كنت بخير مساء البارحة.. ماذا جرى لك..
أجابتني بعد أن ضغطت على يدي:
وأنا الآن ولله الحمد بخير..
الحمد لله ولكن يدك بادرة..
كنت جالسة على حافة السرير ولامست ساقها.. أبعدته عني..
آسفة إذا ضايقتك..
كلا ولكني تفكرت في قول الله تعالى:
(والتفتِ الساقُ بالساق إلى ربك يومئذ المساق)
عليك يا هناء بالدعاء لي فربما استقبل عن قريب أول أيام الآخرة..
سفري بعيد وزادي قليل.
سقطت دمعة من عيني بعد أن سمعت ما قالت وبكيت.. لم استمرت عيناي في البكاء..
أصبح أبي خائفاً عليّ أكثر من نورة.. لم يتعودوا هذا البكاء والانطواء في غرفتي..·
مع غروب شمس ذلك اليوم الحزين..ساد صمت طويل في بيتنا..
دخلت عليّ ابنة خالتي.. ابنة عمتي..أحداث سريعة..كثر القادمون..
اختلطت الأصوات.. شيء واحد عرفته..
نورة ماتت.لم أعد أميز من جاء.. ولا أعرف ماذا قالوا..
يا الله.. أين أنا وماذا يجري.. عجزت حتى عن البكاء..
فيما بعد أخبروني أن أبي أخذ بيدي لوداع أختي الوداع الأخير..
وأني قبلتها.ز لم أعد أتذكر إلا شيئاً واحداً.. حين نظرت إليها مسجاه..
على فراش الموت.. تذكرت قولها: (والتفتِ الساق بالساق)
عرفت حقيقة أن (إلى ربك يومئذ المساق).
لم أعرف أنني عدت إلى مصلاها إلا تلك الليلة..
وحينها تذكرت من قاسمتني رحم أمي فنحن توأمين..
تذكرت من شاركتني همومي.. تذكرت من نفّست عني كربتي..
من دعت لي بالهداية..
من ذرفت دموعه ليالي طويلة وهي تحدثني عن الموت والحساب..
الله المستعان..هذه أول ليلة لها في قبرها..
اللهم ارحمها ونوّر لها قبرها..
هذا هو مصحفها..
وهذه سجادتها.. وهذا.. وهذا..
بل هذا هو الفستان الوردي الذي قالت لي سأخبئه لزواجي.
.
تذكرتها وبكيت على أيامي الضائعة.. بكيت بكاء متواصلاً..
ودعوت الله أن يرحمني ويتوب عليّ ويعفو عني..
دعوت الله أن يثبتها في قبرها كما كانت تحب أن تدعو..·
فجأة سألت نفسي
ماذا لو كانت الميتة أنا؟
ما مصيري؟
لم أبحث عن الإجابة من الخوف الذي أصابني..
بكيت بحرقة..
الله أكبر.. الله أكبر..
ها هو أذان الفجر قد ارتفع..
ولكن ما أعذبه هذه المرة..
أحسست بطمأنينة وراحة وأنا أرددّ ما يقوله المؤذن..
لفلفت ردائي وقمت واقفة أصلي صلاة الفجر ..
صليت صلاة مودع..
كما صلتها أختي من قبل وكانت آخر صلاة لها..
إذا أصبحت لا أنتظرُ المساء..وإذا أمسيتُ لا أنتظرُ الصباح..
انتظرونــــا فى القصه القادمه ان شاء الله